قال المدير العام لسلطة ضبط المحروقات، رشيد نديل، في حوار مع منصة الطاقة المتخصصة، أن الجزائر تستهدف رفع إنتاج مصافي النفط ومحطات التكرير، تنفيذًا للبرنامج الوطني للطاقات المتجددة.
وتناول الحوار، كثير من التفاصيل المتعلقة بالسوق الداخلية في البلاد، وحجم الاستهلاك الداخلي، والأرقام المتعلقة باستيراد المحروقات من الخارج، بالإضافة إلى توجهات الحكومة لتحقيق الفائض والاكتفاء الذاتي.
وفي اجابته على سؤال حول استغناء الجزائر نهائيا عن استيراد مادة الديزل، ذكر المسؤول أولا بأنّ فاتورة الواردات الوطنية الخاصة بالمحروقات بلغت مستويات مرتفعة قبل نحو 4 سنوات، واستمرت حتى حلول جائحة كورونا.
حيث أدت إلى تراجع الاستهلاك بشكل ملحوظ، من 9.5 مليون طن سنويًا إلى نحو 8 ملايين طن، وهو الأمر الذي جعلنا في غنى عن استيراد الديزل خلال 2021 و2022. فيما تقدر الطاقة الإنتاجية للديزل (المازوت) بنحو 9.4 مليون طن.
وبعد مرحلة “كوفيد 19” وانخفاض معدلات الطلب على الطاقة، عادت وتيرة الاستهلاك للارتفاع مجددًا، حيث بلغت خلال العام الماضي 10.1 مليون طن، وهو الطلب الذي تمكنت الجزائر من تغطيته بفضل المخزون المتراكم خلال فترة كورونا.
وبخصوص المصافي المعنية بهذا الاستثمار، اجاب قائلا: “هي مصفاة سيدي الرزين في الجزائر العاصمة، ومصفاة سكيكدة، وبالتالي فإنّ هذه المصافي موجودة، ولكن الإضافة تتمثل في زيادة المعدات، لرفع قدراتها الإنتاجية”
وبخصوص عملية تصدير الديزل أجاب المسؤول بأن “الأولوية حاليًا هي تغطية الطلب الداخلي من المحروقات، أما بخصوص التصدير فالأمر متوقف على مردودية العملية من الناحية الاقتصادية، بالنظر إلى تكلفة التصفية لإنتاج مادة الديزل من ناحية وسعرها في السوق الخارجية من ناحية أخرى، ومقارنة كل هذه المعطيات بالناتج والقيمة الربحية لتصدير النفط في هيئته الخام”.
أما بخصوص استهلاك المحروقات محليا فقد أعلن أنه لابد من الذكر أولا بأنّ الجزائر تنتج مجموعة متنوعة من المحروقات، بالإضافة إلى تصدير الخام، كما هو الشأن بالنسبة للوقود بأنواعه الـ3، وهي الديزل والبنزين وغاز النفط المسال، بالإضافة إلى المزلقات والزفت ووقود الكيروسين الموجه للطائرات، وكذا الديزل الموجه للبواخر، وبالتالي فإنّ حجم الاستهلاك الوطني الإجمالي خلال سنة 2022 هو 17.8 ملايين طن.
بالنسبة للديزل، يقول المسؤول: “استهلكت الجزائر خلال العام الماضي 2022 نحو 10.1 مليون طن، وبلغ الاستهلاك الوطني من البنزين 3.3 مليون طن، أما وقود غاز النفط المسال فبلغ الاستهلاك المحلي خلال نفس العام 1.55 مليون طن”.
ويضيف: “هذا بخصوص كل أنواع الوقود، بينما بلغ حجم الاستهلاك الوطني من مادتي البوتان والبروبان 1.3 مليون طن، كما بلغ استهلاك وقود الكيروسين 500 ألف طن، أما المزلقات والزيوت فقد بلغ الاستهلاك الداخلي تقريبًا 127 ألف طن، وأخيرًا وصل استهلاك الزفت إلى 620 ألف طن”.
وبخصوص معضلة الاستهلاك المحلي وتأثيره على كمية الصادرات، صرح المسؤول بأنه “بالفعل، على المواطن أن يدرك أنّ ترشيد استهلاك لتر واحد من الوقود يصدّر للأسواق الخارجية ويتحول إلى عملة صعبة، وهو ما يعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني والمواطن، وبالتالي فإنّ بلوغ حد العقلانية في استهلاك الطاقة على المستوى الداخلي لصالح الجميع”.
أما بالعودة إلى حجم الاستهلاك، فإنّ الملاحظ هو زيادة استهلاك الوقود، وبالتالي فإنّ الحصة الكبيرة من الاستهلاك ترجع أساسًا إلى السيارات، على الرغم من أن إمكانية تقليل هذا الحجم في المتناول، يضيف المتحدث.
ويضاف إلى هذا الاستهلاك الكبير لمادة الغاز الطبيعي، إذ أنّ 45% من الإنتاج الوطني يستهلك محليًا، بالمقارنة مع سعر الغاز الجزائري في الأسواق الدولية، لذلك فإنّ ترسيخ ثقافة الترشيد والعقلانية في الاستهلاك تحقق نتائج إيجابية ملموسة للمداخيل الوطنية.
وبخصوص سياسة دعم المحروقات وأثرها السلبي على كثرة الاستهلاك يؤكد المسؤول أن هذا الامر صحيح، ولابد من الرجوع إلى تطبيق الأسعار الحقيقية لهذه المواد، إذ أنّ السلطات العمومية للبلاد تفكر في تفعيل أسلوب الدعم المباشر الموجه للفئات الاجتماعية المستحقة له، مثل العائلات ذات الدخل الضعيف والمحدود، بدلًا من صب مبالغ الدعم في سعر المنتج ذاته.
فلا يُعقل تعميم هذا الدعم على الجميع والاستفادة منه بنفس المستوى، بصرف النظر عن القدرة الشرائية للعائلات المعنية، وهو الحل المناسب للمحافظة على الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية التي ترفض التخلي عن الأسر ضعيفة الدخل، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمحافظة على القدرات المالية للبلاد بنفس الوقت، يصرح المتحدث.
أما في الاخير فقد عرج المدير العام لسلطة ضبط المحروقات، رشيد نديل، إلى قضية توجه الجزائر نحو الاستثمار في الطاقات المتجددة، إذ يقول: “أعتقد أن الجزائر لديها فرصة كبيرة، لا سيما في ظل أزمة الطاقة التي يعاني منها العالم، إذ أنّ العديد من الدول تعتمد في الوقت الراهن على الإنتاج الجزائري لتغطية احتياجاتها من الغاز والنفط، وبالتالي فإنه علينا اغتنام الفرصة عن طريق تحصيل المصالح المقابلة”
ويضيف: “علينا إقناع الشركات العالمية بالانخراط بالشكل المناسب في مجال تكوين الإطارات والكفاءات الوطنية ونقل التكنولوجيا ذات العلاقة بتطوير قطاع الطاقات المتجددة، خاصة ما يتعلّق منها بالطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، والعمل تبعًا لهذا على تفعيل الشراكة لانجاح هذا المشروع وتحقيق الأهداف المقررة في الإنتاج وتصدير هذا النوع من الطاقات”
بالإضافة إلى هذا، فإنّ الإطار القانوني متوفر ضمن قانون المحروقات الجديد، حيث أنه تضمن في نصوصه التطبيقية الاستثمار في الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، الأمر الذي يمنح الشركات الأجنبية المستثمرة نوعًا من الضمان لحماية حقوقهم، يؤكد المتحدث.