اعتبر خبراء تصريح محافظ بنك الجزائر، حول فتح مكاتب الصرف نهاية السنة، هو خطوة جريئة أولى في مسار التحكم في أسعار الصرف في السوق الموازية، حيث يعتقد بعض الخبراء أن مشكلة توحيد سعـر الصرف، وكذا توفير السيولة المالية من العملة الصعبة هي المعرقل الأول في سبيل دفع العملية، فهل سيتم اعتماد ثمن صرف العملة بالاتجاهين حسبهم؟.
ساعد بوراوي : “مكاتب الصرف بالجزائر..تجفيف لمنابع السكوار.. وفرص استثمارية”
اعتبر الدكتور والخبير الاقتصادي ساعد بوراوي لشبكة الاعلام الاقتصادي “الاقتصاد ديزاد”، على خلفية تصريح محافظ بنك الجزائر الأخير، المتعلق باعتماد مكاتب الصرف بالجزائر نهاية السنة الجارية، “بمثابة القرار المهم، الذي يدخل في اطار الاصلاحات الجارية بخصوص المنظومة البنكية والنقدية التي تم فتح ورشات فيها بدءا من الاعلان على استحداث الدينار الرقمي، وكذا اعتماد القانون النقدي والمصرفي الذي تبنى الصيرفة الاسلامية كآلية من آليات التعامل البنكي وقرض الحلال.كما سيسمح هذا القرار – حسبه- في هذه الفترة بالضبط في التحكم في أسعار الصرف في السوق الموازية ومرافقتها مع أسعار الصرف الرسمية، وبالتالي القضاء على المضاربة غير المشروعة من جهة، وتقليل الضغط على طلب العملة من البنوك الرسمية طالما أن هناك مكاتب تتوالى عملية الصرف”.
في ذات السياق يرى المتحدث أن “هذه الآلية التي ستعتمد نهاية السنة ستسمح باستقطاب الأموال المتواجدة خارج الاطار الرسمي للتعاملات، وستؤدي الى ما يسمى بعملية تجفيف منابع الأموال المتداولة خارج الاطار الرسمي، خصوصا اذا تم ارفاقها مع تحفيزات أخرى وفي مقدمتها رفع نسبة العمولة الى اثنان بالمائة، لاسيما أن الصرافين اليوم يستفيدون من كل 100 أورو حوالي 100 دينار جزائري على الأقل، وهو الرقم الضعيف الذي لا بد أن يرافق هذا القرار تحفيزات من هذا النوع”.
وبخصوص القطاعات الأكثر استفادة من هذا القرار ، يضيف ساعد بوراوي بأن حصة الأسد ستكون للقطاع المالي والبنكي باستقطاب هذه الأموال خصوصا اذا فكرت الحكومة في استحداث مكاتب آلية داخل البنوك التجارية المعتمدة، وأيضا سيكون لقطاع السياحة نصيب كبير هو الآخر من هذا الاجراء الذي سيعتمد، خاصة أنه سيسمح بزيادة تدفق العملات الأجنبية ويتم التحكم في أسعار العملات التي ستكون مرهونة لمنطق العرض والطلب وبشفافية وفي إطار رسمي شفاف .
أما فيما يخص قضية تآكل احتياطي النقد الأجنبي جراء اعتماد مثل هكذا مكاتب للصرف، فيعبر الخبير الاقتصادي بوراوي على ارتياحه التام من هذا الشأن “باعتبار مكاتب الصرف ستستهدف الأموال خارج المنظومة البنكية وبالتالي لن يمس احتياطي النقد الأجنبي اذا كان الهدف من مكاتب الصرف هو تنظيم السوق الموازية للعملات.
ويرجع ذات الخبير للتذكير بأنه “قبل سنوات وبالتحديد سنة 1996 كان هناك مشروع من هذا النوع ولكن نظرا للظرفية الاقتصادية والسياسية آنذاك، والتي تميزت بوجود بعض القوى والظروف المساعدة التي كانت ضد تنظيم هذا السوق لأنه كان يُدر عليها أموالا بعيدا عن المراقبة الجبائية.
وبالنسبة لمن يعتقد أن انشاء مكاتب الصرف نهاية السنة ما هو الا تماطل وتراخي من طرف الحكومة، يعلق الخبير الاقتصادي ساعد بقوله : “أن تكون متأخرا أفضل من أن لا تأتي أبدا، فتنظيم السوق المالي يرتبط في اعتقادي بمجموعة من الاصلاحات الأولية ومنها القانون النقدي والمصرفي الذي يعتبر اطار للحوكمة في مجال المعاملات المالية والصرف، وهي جزئية واحدة من هذه الكتل التي سينظمها هذا القانون”.
محفوظ كاوبي : توحيد سعر الصرف وتوفير العملة الصعبة التحدي الأكبر لمكاتب الصرف
قال الخبير الاقتصادي المالي محفوظ كاوبي، لشبكة الاعلام الاقتصادي “الاقتصاد ديزاد”، أن لا أحد يناقش أهمية مكاتب الصرف وأثره على الاقتصاد الوطني، و من بين أهم المشاكل التي تواجه الاقتصاد الوطني هو عدم توحيد أسعار الصرف الذي يؤدي بالضرورة إلى اقتصاد موازي ويؤدي إلى عدم مقروئية الفعل الاستثماري ونجاعته، و اعتبر أن إقرار مكاتب الصرف مهم للغاية والقانون النقدي المصرفي أكد على هذه العملية الذي ينص على فتح اعتماد لمكاتب الصرف.
وأشار الخبير كاوبي إلى أن مبدأ فتح المكاتب ليس وليد اليوم، والتنظيمات السابقة تطرقت لذلك وأدرجت عملية فتحها، كما أكد من الناحية الوظيفية أن البنوك التجارية التي كانت مصرح لها أن تقوم بعملية صرف الأموال وتضمن المقابل بالدينار لكل أنواع العملة الصعبةّ، والإشكالية التي تعيق العملية، هي “مشكلة السعـر”، والسؤال المطروح يضيف المتحدث، بأي سعر ستتم عملية الصرف؟ بمعنى هل يمكن اعتماد ثمن صرف العملة بالاتجاهين، من يمتلك الدينار ويريد الحصول على العملة الصعبة والعكس الصحيح، يضيف الخبير الاقتصادي.
ويضيف الخبير: “هذه العملية والقرار بالوقت الراهن مهمة جدا، لكن سنرى ما ستحمله التفاصيل التقنية والتنظيمية التي ينص عليها قانوني النقد والصرف مستقبلا، واعتبر أن احتياط الصرف الحالي لا يتماشى مع هذا القرار، ومصدر العملة الصعبة الحالي للدولة يرجع إلى مداخيل عائدات المحروقات، والدول التي تحتوي على مكاتب الصرف لها تنويع من مداخيل العملة الصعبة كالسياحة والتصدير بمختلف أنواعه يُمكّن من ضمان العملية.
وبالنسبة لأثر هذا القرار على سوق “السكوار” باعتباره المتحكم الأول في أسعار الصرف في السوق السوداء، أكد الخبير أن سعر الصرف الحالي بالسوق الموازي، هو خاضع أصلا لقانون العرض والطلب، وفتح مكاتب الصرف النظامية وبتوفير السيولة المالية لاحتياجات المواطنين من العملة الصعبة، يمكن أن يؤثر بشكل “نسبي” على سعر الصرف بالوقت الراهن.