أبرز الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، اليوم الخميس بحاسي مسعود (ورقلة)، الأشواط الكبيرة التي قطعتها الجزائر في مسار تطوير قطاع المحروقات منذ استرجاع السيادة على هذه الثروة، ما بوأ الجزائر مكانة مرموقة في هذا المجال، مؤكدا ان “معركة اليوم هي معركة الانتقال الطاقوي للجزائر”.
و في كلمة له خلال الاحتفالات بالذكرى ال52 لتأميم المحروقات و ال67 لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، بحضور عدد من أعضاء الحكومة والرئيس المدير العام لسوناطراك، توفيق حكار، قال بن عبد الرحمان، “يجدر بنا أن نشيد بالإنجازات المحققة في قطاع المحروقات، والتي كانت بالتأكيد إيجابية إلى حد كبير، إذ استطاعت الجزائر، بسواعد عمال وعاملات قطاع المحروقات، أن تكتسب قدرات هائلة، مكنتها من إقامة قاعدة نفطية وغازية تضاهي نظيراتها من الدول المصدرة للمحروقات”.
وأوضح ان هذه القدرات جاءت بفضل المنشآت الصناعية الكبيرة التي تحوزها في مجال تكرير النفط والصناعات البتروكيماوية والنقل بالأنابيب وكذا التصدير، سواء بواسطة الأنابيب التي تربط الجزائر ببلدان الضفة الشمالية لحوض المتوسط، أو من خلال ناقلات الغاز الطبيعي المسال، حيث تعتبر الجزائر من رواد هذه الصناعة بإطلاقها لأول مصنع لتمييع الغاز الطبيعي في العالم “لا كامال” بأرزيو، في اوائل ستينيات القرن الماضي.
وقد مكنت هذه الجهود -يضيف السيد بن عبد الرحمان- من استغلال أكثر من 620 حقلا للنفط والغاز وتعزيز الإنتاج الوطني من المحروقات، الذي زاد بأكثر من ثلاث مرات منذ ذكرى تأميم المحروقات، ليصل اليوم إلى حوالي 200 مليون طن معادل نفط، لا سيما الغاز الطبيعي، مما ساهم في تعزيز دور الجزائر كفاعل رئيسي على الساحة الدولية.
وعبر بهذا الصدد عن ثقته في قدرة إطارات القطاع وعاملاته وعماله، “على تجاوز كل الصعاب ومواجهة التحديات التي تنتظرنا، من أجل بلوغ الاهداف المتعلقة بتجديد احتياطاتنا البترولية والغازية وتجسيدها على أرض الواقع، وتطوير مشاريع الصناعة التحويلية، وتثمينها للمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
كما أبرز الوزير الأول إمكانات الجزائر الكبيرة من حيث الاحتياطات النفطية والغازية، “غير أنها لا تزال غير مستكشفة نسبيا، وهذا ما جعلنا نضع تكثيف جهود الاستكشاف والبحث في صميم استراتيجيتنا”، مضيفا أن قانون المحروقات الجديد من شأنه أن يؤدي إلى مضاعفة فرص إطلاق مشاريع الاستكشاف خاصة مع الشراكة الأجنبية، وبالتالي “تجديد احتياطاتنا من المحروقات، مما سيمكننا من رفع قدرات البلاد فيما يخص الإنتاج والتصدير”.
ولدى تأكيده على قدرات الجزائر الهائلة في مجال الطاقة، ذكر السيد بن عبد الرحمان بأن الجزائر تعد المورد الثالث للغاز الطبيعي إلى أوروبا، التي تعد بدورها أهم سوق للغاز الجزائري وهو ما يفسر -كما قال- “العلاقات الوثيقة والحوار الدائم بين الجزائر ونظرائها من الدول المستهلكة، على غرار دول الاتحاد الأوروبي، بهدف تعزيز الأمن الطاقوي وترقية الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية”.
وقال بهذا الخصوص “نعكف على تكثيف جهود الاستكشاف لزيادة احتياطاتنا، ليس فقط لتلبية الاحتياجات المتزايدة لسوقنا المحلية فحسب، بل أيضا من أجل تعزيز مكانتها كرائد فعال وموثوق في الأسواق الإقليمية والدولية”، لافتا الى “الدور المركزي” للجزائر في ظل الظروف الجيوسياسية الراهنة، لا سيما من جانب الوفاء بالتزاماتها الخاصة بإمداد الأسواق العالمية بالطاقة.
و لاحظ أن مشهد الطاقة العالمي يحث على التفكير بجدية، في إعادة بناء نموذج طاقوي جديد وفعال يعتمد على استغلال عقلاني للموارد المتاحة، والدمج بين الطاقات التقليدية والحديثة مع إيلاء الأهمية اللازمة للطاقات المتجددة والاستثمار فيها بالشكل المناسب، مع مواجهة تحديات عديدة مثل تحسين أدوات الحكم الراشد على غرار نموذج طاقوي ونظام معلوماتي فعالين، والرقمنة والامن السيبراني، و كذا تعزيز العلاقات والتعاون الاقتصادي مع دول مجاورة وعلى الصعيد الدولي عموما.
وفي تطرقه الى قطاع المناجم لفت الى أنه “أصبح هو الآخر إحدى أولويات الدولة الجزائرية”، بالنظر إلى إمكانات الجزائر من الموارد المنجمية على غرار مناجم الحديد والزنك والفوسفات، مؤكدا البداية الفعلية لاستغلال منجم غارا جبيلات هذه السنة.
وأوضح السيد بن عبد الرحمان أن القدرات الوطنية في هذا المجال من شأنها استحداث أكثر من 30.000 منصب شغل جديد، منوها، من جهة اخرى، بانجازات قطاع الكهرباء، حيث انتقلت القدرة الإنتاجية سنة 2022 إلى 26 جيغاواط مقابل أقل من 1 جيغاواط سنة1971، وتوصيل البيوت بالطاقة، التي تعدت 99% بالنسبة للكهرباء و 65% بالنسبة للغاز، وهي “نسبة تعتبر من بين أعلى النسب في المنطقة وفي العالم”.