أكد وزير العدل حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي، في كلمة قرأها نيابة عنه مدير الشؤون المدنية وختم الدولة بالوزارة، محمد على صالح، الخميس، خلال افتتاح أشغال اليوم التكويني المتعلق بالمحاكم التجارية المتخصصة بمقر إقامة القضاة بالجزائر العاصمة، على أن استحداث المحاكم التجارية جاء “في إطار المسعى الشامل لرئيس الجمهورية الرامي إلى تدعيم حركية الاستثمار والتجارة من أجل تحقيق الأمن القضائي لدى المستثمرين المتقاضين والتجار من خلال تولي محاكم متخصصة الفصل في النزاعات المتعلقة بنشاطهم”.
وأضاف الوزير أن هذه المحاكم تأتي في سياق “مسايرة التشريعات المقارنة في هذا المجال من خلال إضفاء الاحترافية على تشكيلة الحكم التي تضم مساعدين لهم دراية بالمسائل التجارية”، مذكرا بأن القانون “منح لهذه المحاكم المستحدثة من دون غيرها النظر في منازعات المؤسسات المالية مع التجار لاسيما منازعات الشركاء وحل وتصفية الشركات والتسوية القضائية والإفلاس، ومنازعات البنوك والمؤسسات المالية مع التجار، بالإضافة إلى المنازعات البحرية والنقل الجوي، ومنازعات التأمينات المتعلقة بالنشاط التجاري، ومنازعات الملكية الفكرية وأخيرا المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية، وهذا وفقا للمادة 6 من القانون رقم 22-07 المؤرخ في 5 ماي 2022 المتضمن التقسيم القضائي”.
كما أشار مدير الشؤون المدنية وختم الدولة بوزارة العدل إلى أن الإسراع في تنصيب هذه المحاكم جاء “استجابة لدعوة رئيس الجمهورية خلال افتتاح السنة القضائية” بغية إعطاء “دفع جديد للعمل القضائي من خلال الإسراع في الفصل في النزاعات، تحسين مناخ التجارة والأعمال بما يرقى لتطلعات المتعاملين والمستثمرين، إلى جانب تكريس الأمن القضائي وتعزيز الضمانات التي أقرتها الدولة في قانون الاستثمار الجديد”.
وإلى ذلك، أكد المتحدث أن التشريع أقر إضفاء الطابع الخاص للنزاع التجاري، قائلا “تفعيل إجراء الصلح وجوبيا قبل قيد الدعوى” في القضايا التي تختص بها المحاكم التجارية، وبهذا يكون المشرع قد منح لهذه المحاكم “مكانة خاصة في النظام القضائي وجعلها قبلة ذات أهمية نظرا لدورها في حماية الحقوق والحريات وفي تدعيم حركية الاستثمار والتجارة”.
وأوضح بهذا الخصوص أنه “بغرض تقريب العدالة من المواطن ومراعاة للتوزيع الجغرافي العادل، تم تحديد دوائر الاختصاص الإقليمي للمحاكم التجارية المتخصصة باستحداث 12 محكمة تجارية متخصصة في المدن التي تعتبر أقطابا تجارية وصناعية”.
ومن جهتها، أكدت رئيسة الغرفة التجارية بالمحكمة العليا أن المحاكم التجارية المتخصصة تشكل تطورا ملحوظا بمنظومة القضاء وستساهم في إنعاش الاقتصاد الوطني، موضحة أن هذا النوع من المحاكم من شأنه إعطاء دفعة قوية للاقتصاد الوطني، كونه سيساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى واستقطاب رؤوس الأموال، بالإضافة إلى بعث رسائل طمأنة للمستثمرين في الخارج والداخل، كما سيكون بمثابة خطوة هامة نحو خلق بيئة ملائمة وجاذبة للمستثمرين الأجانب، ونافذة لدعم المشاريع والمؤسسات الوطنية.
ومن جهتهم، أجمع القضاة المتدخلون الذين اعتبرتهم وزارة العدل من فئة المتميزين الذين يتمتعون بالكفاءة في مجال القضاء التجاري، على غرار رئيسة الغرفة التجارية بمجلس قضاء البليدة، على أن النقاط الإيجابية لهذه المحاكم، هي التسوية الودية للمنازعات التجارية، من خلال إلزامية الصلح قبل أي دعوى أمام المحكمة التجارية المتخصصة، وهو الإجراء الذي من شأنه التقليل من المنازعات وتسويتها في آجال معقولة، مستدلين بذلك بنص المادة 536 مكرر 4، والتي تؤكد على أنه “يسبق قيد الدعوى إجراء الصلح، الذي يتم بطلب من أحد الخصوم، يقدم إلى رئيس المحكمة التجارية، الذي يعين في مدة 5 أيام، أحد القضاة للقيام بإجراء الصلح في أجل لا يتجاوز 3 أشهر”.
وفي حالة فشل محاولة الصلح، “ترفع الدعوى أمام المحكمة التجارية المتخصصة بعريضة افتتاح الدعوى تحت طائلة عدم قبول الدعوى شكلا بمحضر الصلح، ويتم الفصل في الدعوى أمام المحكمة التجارية المتخصصة بحكم قابل للاستئناف أمام المجلس القضائي، وهو ما يكتسي أهمية قانونية بالغة، تتمثل في تشجيع الوسائل البديلة لفض المنازعات عن طريق إجراءات مرنة تساعد على محاولة تسويتها بودية قبل اللجوء إلى التقاضي، ما من شأنه تخفيف عمل القضاة وتوفير الوقت والجهد والمال لأطراف النزاع”.