بريكس تكتل سياسي واقتصادي عالمي بارز يضم دول الاقتصادات النامية المتمثلة في كل من البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب أفريقيا وهو يستقطب إلى جانب الجزائراهتمام دول كثيرة مثل مصر والسعودية وإيران والأرجنتين
- بريكس والعالم
تمثل دول بريكس 41 بالمئة من سكان العالم، و40 بالمئة من مساحته و24 بالمئة من الاقتصاد العالمي و16 بالمئة من التجارة العالمية.
حيث إنها تضم الصين والهند وهما أول وثالث اقتصاد في العالم على التوالي وروسيا التي هي أكبر مصدر للطاقة في العالم
وهناك من يعتبره بمثابة منظمة موازية لمجموعة السبعة التي تمثل 60 بالمئة من الثروة العالمية والتي تضم كل من الولايات المتحدة الأمريكية فرنسا بريطانيا ألمانيا إيطاليا كندا واليابان.
تسعى دول بريكس لزيادة نفوذها العالمي بضم دول لها ثقلها الاقتصادي والتجاري والبشري
والجزائر تمتلك بعض هذه المقومات فهي أكبر بلد إفريقي وعربي من حيث المساحة وأكبر مُصدر للغاز الطبيعي في إفريقيا ورابع أكبر اقتصاد فيها، وديونها الخارجية شبه معدومة ما يمنحها استقلالية أكبر في صناعة القرار.
- شروط الالتحاق ببريكس
حسب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فإن دول المنظمة تعمل حاليا على وضع معايير و شروط لقبول أعضاء جدد في المقابل يرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن الانضمام إلى بريكس يتطلب مواصلة الجهود في تنمية اقتصاد البلد عبر رفع الناتج الداخلي الخام والانتقال إلى مستويات أعلى في التصدير
فصادرات الجزائر التي بلغت 56.5 مليار دولار مع نهاية 2022 تمثل أقل من نصف صادرات جنوب إفريقيا التي بلغت في 2021 أكثر من 120 مليار دولار.
على أرض الواقع كثفت الجزائر من استثماراتها في قطاع المحروقات وخصصت لها نحو 40 مليار دولار وحققت اكتشافات هامة في 2022 من النفط والغاز، لتدخل في شراكات جديدة مع شركات متعددة الجنسيات لاستغلال حقول الغاز وزيادة الانتاج
كما تسّرع الجزائرالخطى لمضاعفة إنتاجها من الطاقات المتجددة على غرار الطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، بالشراكة مع عدة دول منها ألمانيا وإيطاليا، بهدف توفير كميات أكبر من الغاز للتصدير
أيضا تسعى البلاد لتصدير الكهرباء إلى أوروبا بالنظر إلى امتلاكها فائضا كبيرا منها إذ تنتج 25 ألف ميغاواط بينما لا تستهلك سوى 17 ألف ميغاواط في أوقات الذروة
كما تراهن الحكومة الجزائرية على رفع الصادرات خارج المحروقات إلى 10 مليار دولار في 2023 بعدما نجحت نسبيا في رهان 5 و7 مليارات دولار في 2021 و2022 على التوالي.
ويعتمد تحقيق الجزائر لهذا الهدف على مدى وصولها إلى الأسواق الإفريقية من خلال تسريع العمل على شق طريق نحو موريتانيا للوصول إلى أسواق غرب إفريقيا، وتسريع الخط العابر للصحراء نحو نيجيريا ووسط القارة السمراء
كذلك تنظيم معارض تروّج لمختلف السلع المحلية وأيضا فتح فروع لبنوك جزائرية في عدد من العواصم الإفريقية
فيما يخص الناتج الداخلي الخام للجزائر فقد بلغ 163 مليار دولار سنة 2021 مقارنة ب 419 مليار دولار لجنوب إفريقا التي تملك أصغر اقتصاد في بريكس
لذلك وضع الرئيس الجزائري، تجاوز 200 مليار دولار ناتج داخلي خام هدفا لدخول بريكس
وهو هدف ليس مستحيلا ولا صعبا، ولكنه مرتبط بأسعار النفط والغاز بالدرجة الأولى إذ أن الناتج الداخلي الخام للجزائر في 2014، بلغ 213.8 مليار دولار نتيجة لتجاوزسعر برميل النفط سقف 100 دولار، بإنتاج بلغ 1.5 مليون برميل يوميا.
إنتاج الجزائر حاليا من النفط في حدود مليون برميل يوميا و من المتوقع أن تترواح الأسعار بين 70 و100 دولار للبرميل في 2023 لذلك تراهن الجزائر على إمكانياتها الكبيرة من الغاز الطبيعي لمضاعفة الإنتاج الذي يكثر عليه الطلب أوروبيا، لرفع ناتجها الداخلي الخام بزيادة تتجاوز 37 مليار دولار في عام واحد.
كما تقوم الحكومة الجزائرية بتنشيط الاستثمارات في قطاع المناجم، خاصة استخراج الفوسفات شرقي البلاد والحديد بالجنوب الغربي والذهب والأتربة النادرة بأقصى الجنوب.
أما فيما يخص موافقة دول البريكس على انضمام الجزائر فلا يُرجَح أن تُشكِل عائقا بالنظر للعلاقات الودية التي تملكها مع الدول الأعضاء في المنظمة
فجنوب إفريقيا تُعد حليفا تقليديا للجزائر في الاتحاد الإفريقي نظرا للتاريخ الثوري للبلدين.
ودائما ما تصف روسيا والجزائرعلاقَتهما بالاستراتيجية والقوية كما تربط الجزائر بالصين عدة اتفاقيات اقتصادية وتجارية كبرى ،أما بالنسبة للبرازيل، فإن عودة الرئيس اليساري لولا دا سيلفا، إلى الحكم يخدم مساعي الجزائر للانضمام إلى بريكس.
كما أكد الرئيس الجزائري مشاركته في القمة المقبلة للمجموعة نهاية 2023، بعدما سبق له وأن شارك في قمة بكين التي جرت عبر الفيديو صيف 2022 والتي تقدمت عقِبها الجزائر بطلب رسمي للانضمام إلى بريكس
وزير الخارجية الصيني وانغ يي أكد أن الصين ترحب بعضوية الجزائر في “أسرة بريكس” فيما صرح نظيره الروسي سيرغي لافروف أن الجزائر تتمتع بمميزات وخصائص تجعلها تتصدر قائمة طالبي الانضمام إلى المنظمة
- ما هي مصلحة الجزائر الاقتصادية في الانضمام لمجموعة بريكس؟
يشهد النظام العالمي تشتتا في ظل نهاية العولمة وتحولها إلى نوع جديد يتبلور عبر تكتلات مثل تكتل آسيا الجنوبية، تكتل أوروبا وأمريكا الشمالية.
وتكمن أهمية منظمة بريكس في كونها تضم دولا يُتوقع لها ازدهار اقتصادي خلال السنوات المقبلة وبالتالي فإن الطلب على مصادر الطاقة سيكون كبيرا جدا ومن هنا تبرز مصلحة الجزائر في الانضمام إلى هذا التكتل
فالصين مثلا قادرة على استيعاب كل صادرات الجزائر من الغاز والنفط وبإمكانها أن تخصص جزءا من استثماراتها لقطاع المحروقات الجزائري.
كما بإمكان الجزائر أن تبيع نفطها وغازها بعملة غير الدولار الأمريكي وأن تتحول إلى البترو-يوان الصيني في المستقبل وبالتالي تنويع احتياطي صرف العملة الصعبة لديها والتحرر من تقلبات الدولار.
ويمكن للجزائر أن تتعلم من روسيا كيف تمكنت من أن تحول نفسها من مستورد رئيسي للقمح والمواد الغذائية أيام الاتحاد السوفياتي إلى أكبر مصدر لهما في العالم تحت زعامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
كما تبرز الحاجة لنظام مالي ونقدي جديد بعد تشتت النظام العالمي وتدرس منظمة بريكس إمكانية إصدار عملة موحدة جديدة خاصة بها حسب ما صرح به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
ولا شك أن هناك آفاق جديدة للجزائر ومزايا اقتصادية وتجارية كبيرة جراء الانضمام إلى مجموعة بريكس.